في أحد الأزمان، كان هناك رجل حكيم يدعى الشيخ سالم يعيش في قرية صغيرة هادئة، و كانت له أرض مزروعة بالخضروات و الفواكه تكفيه و تكفي أسرته و تفيض على جيرانه، و لأن الشيخ سالم كان معروفًا بكرمه، كان الناس يقصدونه لشراء الفواكه و الخضروات، و أحيانًا كان يعطيهم ما يحتاجون إليه دون مقابل.
ذات يوم، جاء رجل غريب إلى السوق و سرق سلة صغيرة من التفاح من أرض الشيخ سالم، فلما علم أبناؤه بما حدث، ذهبوا مسرعين إليه و أخبروه بالأمر، لكن الشيخ سالم رد عليهم قائلاً: إنها سلة صغيرة، سامحوه، فلا شيء يضيع عند الله.
و بعد مرور أيام، عاد السارق و سرق سلة أكبر من الخيار، و أخبر أبناء الشيخ سالم والدهم بذلك، لكنه قال مجددًا: تجاوزوا عنه، ربما كان بحاجة ماسة.
و مضت الأيام، و تجرأ السارق على سرقة صندوق كامل من المحصول، و حينها شعر أبناء الشيخ بالغضب الشديد و طلبوا من والدهم أن يأمرهم بإتخاذ إجراء ضد السارق، لكن الشيخ سالم قال لهم بهدوء: دعوه، فما زال كل شيء بيد الله.
بعد مرور شهر، إكتشف الشيخ سالم و أبناؤه أن السارق عاد مجددًا في ليلة مظلمة، و لم يكتفِ بسرقة بعض المحصول فحسب، بل جلب معه عصابة كاملة و أخذوا كل ما في الأرض، و لم يتركوا شجرة واحدة فيها، صُدم الأبناء و هرعوا إلى أبيهم صارخين: لقد أخذوا كل شيء يا أبي! لم يبقَ لنا شيء نأكله أو نبيعه.
نظر إليهم الشيخ بحزن عميق و قال: لقد علمت منذ البداية أن الحق الصغير إذا تنازلنا عنه سيتحول إلى طمعٍ كبيرٍ عند الناس، و لو طالبنا بحقنا في المرة الأولى، لما وصل الأمر إلى خسارة كل ما لدينا.
تعلم الأبناء من هذه الحادثة درسًا عميقًا، و أدركوا أن الحزم في الحقوق الصغيرة يمنع الخسائر الكبرى.