لا يخفى على جميع سكان المعمورة بأن لعبة كرة القدم هي الأكثر شعبية من حيث عدد المتابعين و العاشقين لها منذ القرن العشرين إلى غاية يومنا هذا، فمنذ نشأتها كانت لعبة تقتصر على فئة معينة و صغيرة و ليست لها متابعين و كانت عدد الفرق أو المنتخبات لا تتجاوز 8 كأقصى حد في الستينات.
أما في الوقت الحالي فآخر مونديال لعب في دولة قطر العربية الشقيقة، جمع بين 32 منتخب يمثل دولته، و في كأس العالم المقبلة التي ستحتضنها دول الكونكا كاف المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و المكسيك، ستضم 48 منتخبا كل يمثل ألوان بلاده، و سيكون مونديال أول و فريد من نوعه على مدار التاريخ منذ تأسيس قوانين اللعبة المعروفة.
بغض النظر عن القوانين التي تشملها اللعبة، و الشعبية التي تحصدها، فإن كرة القدم أصبحت من أكبر و أنجح الإستثمارات في القرن الواحد و العشرين، إذ أقبل عليها العديد من رجال الأعمال و الناجحين و كبار المستثمرين في العالم بشراء أندية و بيع أخرى و الإنضمام إلى البعض الآخر و ضخ أموال طائلة للفوز بالألقاب و دخول التاريخ من أوسع الأبواب في عصر قل فيه التنافس على طلب العلم، و الجري وراء جلد منفوخ ينط هنا و هناك بغرض الربح منه و كسب الشهرة.
هناك نوادي كثيرة حول العالم يقدر رأس مال طاقمها حوالي مليارين دولار أمريكي ( 02 مليار دولار أمريكي )، و هناك فرق صغيرة ذات قيمة مالية محدودة، و هناك من يعاني بشكل كبير من تدفق رؤوس الأموال، لكن موضوعنا هذا لا يتطرق بشكل خاص إلى ميزانية النوادي الرياضية لكرة القدم، و إنما يتناول حركة رؤوس الأموال الضخمة مما يثير الشك حول تبييض الأموال، إذ تجد هناك فرق لم تحصد أي لقب في مسيرتها لكنها تضخ أموالا طائلة دون فائدة تذكر مما يدعو إلى التفكير بطريقة مخالفة للمنطق البشري، و تجد نوادٍ ناشئة ذات ميزانية منخفضة تنافس بشكل كبير الفرق ذات الميزانية العالية على الألقاب في جميع المنافسات و على جميع المستويات.
و لذلك تطرقنا في موضوعنا هذا إلى الحديث على تحول اللعبة الأكثر شعبية في العالم إلى مشروع مالي ضخم يتحكم في سياسات الحكومات و الدول من خلال التأثير على الشعوب الذين يتخذون هذه اللعبة كمصدر رزقهم في كثير من البلدان خاصة الفقيرة منهم و النامية.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نقطة تحول كبرى حول هذه الأنشطة الرياضية بمختلف أنواعها، و تحويلها من نشاط رياضي و ترفيهي بحت إلى أكبر الإستثمارات المالية التي ٱنتشرت كالنار في الهشيم في الدول العربية و الأوروبية، أما دول أمريكا الجنوبية فحدث و لا حرج، فهم يتخذون من هذه الرياضة عبادة لهم و ديانة جديدة يغوصون في أعماقها، و يخوضون في جدالات و مناوشات خطيرة أدت إلى الوفاة في كثير من الأحيان.
خلاصة موضوعنا هذا لا يدعو إلى مقاطعة الإستثمار و حركة رؤوس الأموال، بل الحد منه و متابعته حتى لا يؤثر على اللعبة بشكل خاص و على الأنشطة الرياضية بشكل عام.
Tags
سوق المال