تلوّث الماء، أخطر أنواع التلوّث البيئي، و ما هي الحلول الفورية للحؤول دون وقوع كارثة لا يحمد عقباها.

تلوّث الماء يمثل واحدة من أكثر مشكلات البيئة خطورة، و يحدث حينما يتلوث الماء بمواد مثل نفايات الإنسان و الحيوانات و الكيميائيات السامة، و الفلزّات، و النفط، و يمكن أن يؤثر التلوّث على المطر و الأنهار و البحيرات و المحيطات و المياه الجوفية التي تغذي الينابيع و الآبار.

تلوّث الماء، أخطر أنواع التلوّث البيئي، و ما هي الحلول الفورية للحؤول دون وقوع كارثة لا يحمد عقباها.

و ربما يظهر الماء الملوث نظيفًا أو قذرًا، و لكنه يحتوي على الجراثيم، و المواد الكيميائية، أو المواد الأخرى التي يُمكن أن تسبب القلق و الإزعاج، و المرض، أو الموت.

يجب إزالة الشوائب من مثل هذا الماء قبل إستعماله بأمان لأغراض الشرب و الطهي و الإستحمام أو غسيل الملابس، و حتى في بعض الصناعات يجب أن ينقّى الماء قبل ٱستخدامه في عملياتها الصناعية.

أصبح تلوّث الماء مشكلة خطيرة في معظم البلاد، و بخاصة في كندا و الصين و الهند و اليابان و روسيا و الولايات المتحدة. و لقد سنّت الحكومات قوانين تحدّ من كميات و أنواع النفايات التي يمكن أن تُلقى في الماء، و تُنفق الحكومات و الصناعات و المدن الكبيرة و الصغيرة مبالغ كبيرة من المال على الأبحاث و محطّات معالجة المياه للحد من التلوث. 

و ما تزال عدة مدن كبيرة تطلق كميات هائلة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في الموانئ أو المياه الساحلية، و من الصعب أيضًا التحكّم بدرجـة كبـيرة في التلــوّث الـذي لا يـأتي من نقطـة مباشـرة كمنفذ تسرب الصرف الصحي أو صرف المصنع.

و تتضمن مصادر التلوّث هذه المياه التي تسري من مواقع البناء و الأراضي الزراعية، و هي تحمل المادة المترسبة (حُبَيْبات التربة) و المُخصّبات إلى مجاري المياه و البحيرات.

I - المصادر

تلوّث الماء مشكلة خطيرة في كثير من البلاد، و يمكن مشاهدة النفايات الصناعية بسهولة، و لكن هناك كثيرًا من مصادر التلوّث أقل وضوحًا. 

هناك ثلاثة مصادر رئيسية لتلوث الماء :

  1. النّفايات الصناعية. 
  2. مياه الصّرف الصّحي (المجاري)
  3. الكيميائيات و النّفايات الزراعية.

1- النفايات الصناعية

تفرّغ الصناعات في البلاد المتقدمة ملوثات عديدة مع نفايات المياه أكثر مما تفعل أنظمة شبكة الصرف الصحي، و تحتوي نفايات المياه هذه على الكثير من المواد الكيميائية و السامة.

و تُفرّغ كميات كبيرة من هذه النفايات الكيميائية في أنظمة المياه مباشرة، و ينتج أيضًا عن حرق الفحم، و النفط و أنواع الوقود الأخرى، و في محطات توليد الطاقة، و المصانع، و السيارات أكسيد الكبريت و النيتروجين. 

و تسبّب هذه الملوثات المطر الحمضي، الذي يسقط على الأرض و يدخل إلى مجاري المياه و البحيرات.

أنظر: تلوّث البحيرات و الأنهـار.

و ربما تلوّث بعض الصناعات الماء بطريقة أخرى عندما تستخدم كميات كبيرة من المياه لتبريد المعدات، و تجعل الحرارة الناتجة عن المعدات الماء ساخنا. 

و تستخدم محطات توليد الكهرباء غالبًا الماء لتكثيف البخار الذي يدير العنَفَات (التوربينات)، و حينما يُفرغ الماء الساخن في النهر أو البحيرة، ربما يسبب التلوّث الحراري الذي يمكن أن يضر بحياة النبات و الحيوان.

2- مياه الصرف الصحي

تتكوّن مياه الصرف الصحي من فضلات الإنسان، و القمامة، و الماء الذي ٱستخدِم في غسل الملابس أو الإستحمام.

و بحلول عام 2023 م، من المحتمل أن تنتج الدول الصناعية كمية من مياه الصّرف الصّحي ، قد تبلغ ضعفي الكمية التي كانت تنتجها في عـــــام 1990 م.

يمر معظم مياه الصرف الصحي من خلال محطات المعالجة التي تزيل الأجسام الصلبة، و تلك المواد الذائبة مثل النيتروجين، و الفوسفور، و يمر بعضها خلال أحواض للتطهير قبل ترشيحها من خلال حقول الترشيح إلى الأرض، و تذهب البقية من مياه الصّرف الصّحي دون معالجة مباشرة إلى مجاري المياه أو المحيط.

3- المواد الكيميائية والنفايات الزراعية

يسري ماء المطر أو الجليد المنصهر من الأراضي الزراعية إلى مجاري المياه، حاملاً معه المُخصّبات (السماد) الكيميائية، و مبيدات الآفات التي قد يستخدمها المزارعون على الأرض.

ربما تسبب فضلات الحيوان أيضًا تلوّث الماء، و بخاصة من أماكن تغذيته في الحظائر، التي توجد بها أعداد كبيرة من الحيوانات، و لا تتوزّع فضلات الماشية و الخنازير و الأغنام التي تُسمّن في الحظائر على المراعي واسعة الإنتشار. 

و بدلا من ذلك تسري كميات كبيرة من فضلاتها إلى مجاري المياه القريبة، و ربما تتلوّث المياه التي تستخدم للري أيضًا بالأملاح، و مبيدات الآفات، و المواد الكيميائية السامة، التي تأتي من على سطح التربة قبل أن تنساب ثانية إلى الأرض.

Ⅱ - التأثيرات

من المؤكّد أن المياه المُلَوّثة بنفايات الإنسان و الحيوان قد تسبّب حُمّى التيفوئيد و الكوليرا، و الدوسنتاريا، و الأمراض الأخرى. 

و يتم تطهير إمدادات المياه في مجتمعات كثيرة بالكلور، لقتل الجراثيم التي تسبب المرض، و على أية حال لا يزيل التطهير الكيميائيات و الفِلِزّات، مثل ثنائيات الفينيل متعددة الكلور، و الكلوروفورم، و الزرنيخ، و الرصاص، و الزئبق. 

و يهدّد إطلاق هذه النفايات السامّة دون ٱحتراس، و خاصة في أماكن تجمّع النفايات، المياه الجوفية بدرجة خطيرة. 

لقد وجدت ثنائيات الفينيل متعددة الكلور، و الكلوروفورم، و مبيدات الآفات في إمدادات مياه الشرب في بلاد كثيرة، و هذا مما يقلق العلماء، لأن شرب هذه المواد و لو بكميات صغيرة على مدى سنوات عديدة ربما يكون له تأثيرات ضارة.

يمنع التلوّث الإنسان من إستخدام الماء و التَمتّع به في النشاطات الترفيهية، و على سبيل المثال، تجعل الروائح و بقايا المواد الطافية ركوب القوارب و السباحة رياضة غير سارة، كما يزداد ٱحتمال الإصابة بالمرض عن طريق المياه الملوّثة.

و ربّما يطفو النّفط الذي يتسرّب من السفن أو من آبار النّفط القريبة من السّواحل حتى يصل إلى الشاطئ، و يمكن للنفط أن يسبب تلوّثًا خطيرًا و يقتل الطيور المائية، و المَحّار، و الحيوانات الفطرية الأخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التلوّث على الأنشطة التجارية و الترفيهية لصيد الأسماك، فقد قُتلت الأسماك بسبب النفط، أو بسبب نقص الأكسجين في الماء، و تؤذي النّفايات الصناعية الأسماك أيضًا، و بخاصة ثنائيات الفينيل متعددة الكلور.

يؤثر تلوّث الماء أيضًا على مختلف العمليات التي تحدث طبيعيًا في الماء، و تساعد هذه العمليات التي تستخدم الأكسجين المذاب على جعل النفايات غير ضارة، و تفكك البكتيريا الهوائية النفايات العضوية إلى مواد بسيطة في عملية تُسمّى التمعدن، و تستخدم بعض هذه المواد مثل الفوسفات و النترات بمثابة مغذيات للنباتات.

و تستخدم البكتيريا الهوائية الأكسجين المذاب في الماء حينما تفكك النفايات العضوية، و يمكن للعلماء أن يكتشفوا كمية المادة العضوية بالماء بقياس كمية الأكسجين التي ٱستهلكتها البكتيريا في عملية التفكيك. 

تسمّى عملية القياس هذه الطلب الكيميائي الحيوي للأكسجين، و إذا ٱحتوى الماء على كميات كبيرة من النفايات العضوية، فإن البكتيريا سوف تستهلك معظم أو كل الأكسجين فيه، و سوف تكون حينئذ، بعض أنواع أسماك الصيد مثل السَلَمون و الأسترجون و التَرْوِيتَة ( التَرْوِيتَة هي نوع من السَلَمون يعيش في المياه العذبة )، غير قادرة على العيش في الماء، و سوف تحل محلّها الأسماك التي تحتاج إلى أكسجين أقل مثل الشَبّوط و السِلّور. 

أما إذا نفد كل الأكسجين فإن معظم الأحياء المائية لن تكون قادرة على البقاء، فالماء المُلوّث بكميات كبيرة من المغذيات يوفر الطعام لأعداد كبيرة من الطحالب (كائنات بسيطة تشبه النباتات) التي تجعل الماء يبدو أخضر، و ربما يقود وجود كميات كبيرة جدًا من المغذيات (المواد المغذية) في الماء إلى عملية تسمى الإثراء الغذائي.

ينتج الكثير من المغذيات عن تفتت الصخور الطبيعي و عن تمعدن المواد العضوية، و لكن المغذيات الإضافية تأتي من نزح المخصبات من الأراضي الزراعية أو من المنظّفات أو الأجزاء الأخرى لمياه الصرف الصحي. 

و تخصّب معظم المغذيات الطحالب المجهرية (كائنات بسيطة تشبه النباتات)، و أيضًا النباتات كأعشاب البرك و الطحلب البطّي. أنظر: الطحالب

تنمو طحالب و نباتات أكثر نتيجة لوجود المغذيات الإضافية، و كلما نمت أعداد أكبر، ماتت أيضًا أعداد أكبر، و تتنفّس الطحالب و النباتات ـ أي تفكّك الغذاء لتُطلِق الطاقة ـ كما أنها تتحلل أيضًا، و تستهلك كلتا العمليتين الأكسجين الموجود، و في الحالات القصوى ربما يصبح النهر أو البحيرة غاية في الثراء الغذائي لدرجة أن كل الأكسجين الذائب في الماء يستهلك خلال جزء من اليوم.

ويمكن أيضًا للتلوث الحراري أن يقلّل من كمية الأكسجين التي تذوب في الماء، و بالإضافة لذلك، يمكن أن تقتل درجة الحرارة العالية بعض أنواع النباتات و الأسماك.

Ⅲ - التحكّم

يمكننا التحكّم في نسبة التلَوّث التي تشكل مشكلات جَمّة، و التي لا زالت تُؤَرّق الكثيرين حول العالم، و ذلك عن طريق إنتهاج طرق كثيرة منها المعالجة و إنشاء محطات تدوير المياه و معالجة مياه الصّرف الصّحي، دون التسبّب في المزيد من آفات نحن في غِنىً عنها، و لِنُبَيّن لكم سُبُل النّجاة سنتطرّق إلى شرح ما يلي.

1- معالجة مياه الصرف الصحي

تستخدم محطات معالجة مياه الصّرف الصّحي الأكثر فعالية ثلاث عمليات منفصلة: معالجة أولية، ومعالجة ثانوية، ثم معالجة ثالثة أخيرة. 

و لكن القليل من محطات معالجة مياه الصّرف الصحّي تستخدم العمليات الثلاث، و نتيجة لذلك فإن معظم مياه الصّرف الصّحي المُعالَجة ما زالت تحتوي على مغذيات يمكن أن تُسبّب الإثراء الغذائي و وجود المواد الكيميائية.

2- المعالجة التمهيدية للنفايات

يمكن للصناعات أن تخفض التلوّث بمعالجة النّفايات لإزالة المواد الكيميائية الضارة قبل إلقاء النّفايات في الماء، و ربما يمكن تخفيض كميات النّفايات الصناعية أيضًا بإستخدام عمليات تحويلية لإسترجاع المواد الكيميائية، و إعادة إستخدامها.

Ⅳ - مواصفات مياه الشُرب 

وُضِعت في معظم البلاد مواصفات لتَحُدّ من كمية البكتيريا، و الكيميائيات، و الفِلزّات الضّارة في مياه الشرب، و بالإضافة لذلك فإنه ربما توجد قوانين تحدّ من كميات الكلوروفورم و الكيميائيات العضوية الأخرى ذات العلاقة التي تسمى الميثانات ثلاثية الهالوجين (THM)، في ماء الشرب بالمدن الكبيرة. 

و تتكوّن هذه الكيميائيات في محطات المعالجة حينما يضاف الكلور إلى مياه الشرب لقتل البكتيريا المُسبّبة للأمراض، و يعتقد أن التعرّض لمستويات عالية من الميثانات ثلاثية الهالوجين و خاصة الكلورو فورم يزيد من ٱحتمال الإصابة بالسرطان .

إرسال تعليق

للمزيد من المعلومات حول المُدوَّنة أو المواضيع المنشورة، أو أي إستفسار يرجى الإتصال بنا على مواقع التواصل الإجتماعي، أو عن طريق البريد الإلكتروني على العنوان التالي :
----------------------------------------------------------------------------------------------
[email protected]

أحدث أقدم

متابعينا على بلوجر

تابعنا على بلوجر ليصلك جديدنا

 

نموذج الاتصال