هوميروس Homère

ألّف ملحمتي الإلياذة و الأوديسة المشهورتين، و لا يكاد العلماء يعرفون شيئا عن هومر، و يعتقد البعض أنه ربما عاش في مدينة تتحدث اليونانية على الشاطئ الشرقي لبحر إيجة، أو في جزيرة خيوس، و ينكر علماء آخرون مجرد وجوده، و وفقا لما تناقلته الروايات فقد كان هومر أعمى.

قَصَائِد هومَر

تدور الأحداث في الإلياذة و الأوديسة على محورٍ من حرب طروادة و ما تلاها، و قد دارت رُحاها بين اليونان و مدينة طروادة، ربما في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد، و يعتقد كثير من العلماء أن القصائد قد تم وضعها بين عامي 800 و 700 ق.م، و يعتمدون في ذلك على ما ورد في القصائد من إشارات إلى أحوال إجتماعية كانت قائمة في ذلك الوقت.

أكدت المصادر المختلفة أن الإلياذة و الأوديسة لم يكونا من تأليف هومر، بل حكايات شعبية جمعها هومر و غنّاها، فعَلِقت بأذهان الناس و نُسِبت له.

و قد إكتشف علماء الآثار في حُطام طروادة و اليونان القديمة، دليلاً يؤكد الأساس التاريخي لبعض الأمور التي جرى وصفها في القصائد، إلا أن شخصيات القصائد و أحداثها، و إن قامت في بعضها على أُنَاس حقيقيين، و وقائع تاريخيَّة، فقد تغيّرت عبر القرون خلال عملية تناقل القصص الشعبية، و في قصائد الشعراء المنشدين المعروفين بإسم شعراء الملاحم و البطولات

و قد أبدع هؤلاء الشعراء طائفة من القصائد سُمّيَت الموَّال الطروادي روت حرب طروادة على نحو كامل، و الإلياذة و الأوديسة، هما كل ماتبقى من هذه الطائفة.

و بعد إنقضاء عهد هومر كانت القصيدتان تُنشدان في الإحتفالات الدّينيّة الوثنية في اليونان، و أصبحت نسخ القصيدتين نصوصًا مدرسية يعتمد عليها الأطفال اليونانيون في دراسة الأساطير اليونانية القديمة، و ترتب على ذلك، أن شَكّلَ اليونانيون آراءهم الدينية، من الأوصاف التي عرضها هومر للآلهَة.

هومر شاعر يوناني قديم عُرف أيضًا باسم هوميروس
كذلك فإن قصائده كانت زادًا حافلاً بالشّخصيَات و الحِبْكة، و العقدة المسرحية، لكُتّاب المسرح التراجيدي المشاهير، في القرن الرابع قبل الميلاد، أسخيلوس، يورييبدس، و سوفوكليس.

دِراسَة مُبَكّرة

و لقد حدث أن عرف الشعب اليوناني قصائد هومر عن طريق سماعها أثناء ترتيلها، أو قراءة نسخ منها مكتوبة باليد، و كان الكُتّاب يرتكبون الأخطاء أحيانًا و هم ينسخونها أو يُحْدِثون تغييرات متعمّدة في النص، و في القرن الرابع قبل الميلاد، ظهرت نُسَخٌ كثيرة من الإلياذة و الأوديسة في اليونان، توجد بينها إختلافات طفيفة.

و منذ حوالي عام 300 حتى عام مائة قبل الميلاد، حاول العلماء في مكتبة الإسكندرية الكبرى في مصر، أن يُصحِحوا التغييرات التي طرأت على القصيدتين، و إعادتهما سيرتهما الأولى، و ظن قليل من العلماء أن القصيدتين كانتا من وضع شاعرين، و شعر هؤلاء العلماء الذين أطلق عليهم إسم المفرِّقون، أن هناك إختلافًا كبيرًا جدًا بين القصيدتين في اللغة، و وجهة النظر و مادّة الموضوع، حتى إنه لا يمكن أن يكون شخص واحد قد وضعها.

المُحَلِلّون و المُوَحّدُون

و قد طوى النسيانُ قضية من هو مؤلف الإلياذة و الأوديسة عدة قرون، و في عام 1795م، أحيا القضية العالم الألماني فردريش أوجست وولف، و قال إن علماء الآثار لم يكن لديهم الدّليل على أن اليونانيين عَرفُوا الكتابة إِبّان الفترة التي يُفْتَرَضُ أن هومر عاشها، و ٱحْتَجّ وولف بأن مثل هذه القصائد الطويلة كالإلياذة و الأوديسة ما كان لها

هومر شاعر يوناني قديم عُرف أيضًا باسم هوميروس
أن توضع دون معرفة بالكتابة، و تزعم مدرسة من النقاد أُطْلِق عليهم المُحَلّلون إستنبطوا نظرية مؤدّاها أن هومر لم يوجد على الإطلاق.

و ٱعتقدوا أن الإلياذة و الأوديسة، ليْسَتا سِوى حصيلة أُغْنِيّات قصيرة، لعِدّة شُعَراء، و أصَرّوا على أن عدم الإنسجام في القصص و إختلافات اللّغة، تعني إشتراك أكثر من مؤلف فيها.

و هناك طائفة ثانية من العلماء ٱسمهم المُوَحّدون عارضوا المُحَلّلين و أصَرّوا على أن القصيدتين نِتَاج عبقرية شعرية واحدة أو شاعرين عظيمين على أكثر تقدير، و أكّدوا وِحْدَة نسيج القصيدتين، و ٱنسجام عرض الشخصيات.

و يُعْرَف هذا الجَدَل بين المُفَرّقِين و المُوَحّدين بالمسألة الهومرية.

المَسألة الهُومَرِيّة اليوم

تأثرت الهُومَرِيّة اليوم إلى حَدّ كبير بمعرفتنا الواسعة عن كيفية إبداع الشعر الإرتجالي، ففي خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، بدأ عالم أمريكي يدعى مِلْمان باري دراسة الشعراء المنشدين في يوغوسلافيا، كان هؤلاء الشعراء أُمِيّين، لا يقرأون و لا يكتبون، إلا أنهم ٱرتجلوا القصائد الطوال، و لم يحفظوا قصائدهم بتمامها، و مع ذلك كانوا يُعيدون إنشادها مع تغيير طفيف في كل مرة.

و في إبداع حبكتهم، و بيت قصيدهم كان الشعراء المنشدون اليوغوسلاف يستخدمون المرّة تِلو المرَّة، الكثير من الجُمَل و الأسطُر و المَشاهد التي سبقوا إليها، و ٱستطاع باري أن يُوَضّح تشابه الإلياذة و الأوديسة، على نطاق أوسع في هذه الخصائص، و قام علماء آخرون بتطوير دراسات باري إلى نظرية مؤدّاها، أن هومر كان شاعرًا أُمّيًا مُنْشِداً، ذا قدرة فَذّة.

و حسب هذه النظرية أنشد هومر قصص الإلياذة، و الأوديسة في مناسبات كثيرة و قبيل فصل الخِتام في حياته، عرف اليونانيون الكتابة، و حينئذ أمْلَى هومر الإلياذة و الأوديسة، و كُتبَت هذه القصائد باليونانية التي لا تنتمي إلى مدينة واحدة أو مرحلة تاريخية بعينها، و قد عَقّدَت هذه الحقيقة محاولات إستقصاء تفصيلات حياة هومر.

و يَتّفِق معظم العلماء اليوم على أن الإلياذة، و الأوديسة تُمَثّلان تُراثًا شِعريًا إرتجاليًا، إلّا أنّهم ما يزالون مختلفين بشأن تفصيلات كيفية تأليف هذه القصائد أو المحافظة عليها.

أنظر أيضا : الأوديسة ؛ الإلياذة ؛ حرب طروادة.

إرسال تعليق

للمزيد من المعلومات حول المُدوَّنة أو المواضيع المنشورة، أو أي إستفسار يرجى الإتصال بنا على مواقع التواصل الإجتماعي، أو عن طريق البريد الإلكتروني على العنوان التالي :
----------------------------------------------------------------------------------------------
[email protected]

أحدث أقدم

متابعينا على بلوجر

تابعنا على بلوجر ليصلك جديدنا

 

نموذج الاتصال